عشرُ علامات على الطائفية "الخفية".. الاحتقان الطائفي الذي نشهده على مستوى عالمنا الإسلامي، في الاعلام ووسائل التواصل، تجاوز كل الحدود، ويحتاج المرء منا لمراجعة قلبه وتفكيره مرارا وتكرارا – وبشكل صادق - حتى يضمن أنّه غير مصاب بهذا المرض الروحي والأخلاقي الفتّاك، حتى في مستوياته الخفية وغير الواضحة أحيانا. أمّا الطائفية الصارخة والفجّة فواضحة للعيان، ولكنّ الخطير أن تكون خفية أو متخفية، أو كامنة في أعماق النفس أو اللاوعي، وهذا النوع من الطائفية تحديدا هو الذي نحتاج أن نتنبه له بشكل دقيق، ونراجعه، ونطهّر أرواحنا منه، وهذه بعض "علامات الطائفية الخفية" التي قد تغيب عنا أحيانا: 1) أن لا يتحدث المرء عن أخطاء طائفته إلا حين يقرن معها أخطاء الطائفة الأخرى، فلا يكتفي بالقول مثلا: لقد أخطأت جماعتي/طائفتي في هذه المسألة، بل لابد أن يقرن ذلك بقوله: "ولكن هم أيضا يفعلون هذا الخطأ او ذاك" أو يقول: "على الأقل أخطاءنا أخف ثقلا من أخطاء تلك الجماعة/الطائفة" 2) أن ينتظر المرء دائما رأي كبار طائفته في المسألة الأخلاقية/الإنسانية قبل أن يحدد موقفه الأخلاقي منها. فموقفه الأخلاقي من القضية الإنسانية يرتبط بشكل طردي ومباشر بموقف زعماء الطائفة، ولو أنّ هؤلاء الزعماء قرروا لسبب أو لآخر عدم التعاطف مع تلك المسألة او تلك، لربما خفّ تأييده أو معارضته وتغيّر موقفه هو منها. 3) أنّه إذا وجد خطأ فادحا وواضحا في أحد افراد الطائفة الأخرى، فإنّ ردة فعله ضده تكون عنيفة بشكل غير متناسب مع حجم الخطأ، بل بشكل يشي بأنّه كأنما كان ينتظر منهم تلك الزلة، حتى يفرغ ما في نفسه من شحن طائفي. بل ربما وجدها مناسبة لكي يرجع لبعض النصوص المذهبية التاريخية التي تطلق أحكاما سلبية نحو الطوائف الأخرى فيقوم بنشرها في إطار رده على خصومه 4) أن تشتغل مكنة "التأويل" "والتبرير" بشكل كبير عند مراجعة وتقييم سلوك جماعته وطائفته، ولكنّها تغيب كليا عند مراجعة سلوك الطائفة الأخرى. ويصبح الخطأ من خصومه لا يحتمل أي تأويل أو تبرير. 5) من علاماتها كذلك أن يشتغل حسّ المرء الأخلاقي بشكل دقيق في رصد مؤاخذات وأخطاء الطائفة الأخرى. بل وحتى الأخطاء الصغيرة منها فإنه يستطيع ملاحظتها بشكل دقيق وسريع جدا. ولكنّ الرقابة الأخلاقية تضعف قليلا عندما يسلطها على طائفته هو، فرغم أنّه أحيانا يستطيع الإشارة إلى أخطاء طائفته الكبيرة، ولكن تفوته الأخطاء الصغيرة منها أو يتغاضى عنها، أو هو لا يستطيع أن يرصدها بنفس الفاعلية التي يرصد بها أخطاء الاخرين. 6) الادانة التي يدين بها أخطاء الطوائف الأخرى أسرع بكثير من الإدانة التي يدين بها طائفته. فلو استطاع مثلا أن يرصد ويدين خطأ جماعة/طائفة أخرى في (نصف دقيقة)، ولكنه احتاج لضعف الوقت (دقيقة كاملة) لكي يدين "ذات" الخطأ حين تقوم به جماعته/طائفته، فهو هنا مبتلى ولو بشكل خفي. 7) أن لا تغيّر رأيه الأدلة والمعطيات الجديدة. فرأيه ثابت تجاه القضية المتعلقة بالطوائف الأخرى، ومهما ظهرت من أدلة جديدة في أي مسألة، فهذه الأدلة لا اعتبار لها ولا قيمة بالنسبة له. وهو يجد دائما طريقة لتكييف الأدلة والمعطيات الجديدة مع موقفه الثابت والقطعي تجاه طائفته والطوائف الأخرى. فهو يقرأ التاريخ والحاضر والمستقبل قراءة خطية صارمة من منظار كونه منتميا للطائفة فقط، فينتقي من الأدلة ما ينسجم فقط مع هذه القراءة الأحادية المنتصرة لطائفته. 8) أن يجعل أخطاء طائفته دائما في إطار الاجتهاد في طلب الحق الذي قد يخطأ، أمّا أخطاء الطائفة الأخرى فقصدا شريرا وفسادا في الأرض. 9) لا يعترف أبدا بالمصدر "النفسي" لمواقفه الدينية والسياسية والاجتماعية، فهو قادر دائما على أن يوعز كراهيته ونزعته الطائفية تجاه خصومه ويبررها بأنّها نتاج قراءة استراتيجية ودينية وسياسية واعية للمشهد وللواقع الموضوعي. أما اذا كان أكاديميا أو باحثا، فالغشاء يصبح أكبر، فهو الآن يخلع على قراءاته النفسية الطائفية بُعدا أكاديميا وكأنها نتيجة موضوعية واضحة 10) لا يتفاعل مع الانجازات الا إذا كان لطائفته او كبار طائفته نصيب منها، بل ويطير قلبه فرحا بها، ويستعرض أمام الاخرين انجاز طائفته، وينتفخ بها وكأنه هو المنتصر أو هويته المذهبية وذاته الجماعية هي المنتصرة.. أمّا إذا كانت الإنجازات من الطوائف الاخرى، فقلبه لا يفرح، أو ربما يتفاعل معها تفاعلا باهتا وخافتا، وأحيانا من باب المجاملة فقط. الطائفية مرض روحي فتّاك .. وسقم يسلب الانسان دينه وقلبه، وحتى عقله والأخطر حين يبدأ الانسان بتبرير طائفيته بأنّها جزء من الحمية للحق والدين، فحينها تتحول على غاشية تطمس بصيرة الانسان وتسلب منه دينه بشكل نهائي. عسى أن نجعل من هذه الفوضى الدائرة إشارة تنبهنا من هذه الغفلة ..لنهتدي إلى رشدنا وإلى كتاب ربنا ففيه دواء كل العلل! وقانا الله شرور أنفسنا🙏🏻
11) ويتعاطف ويتألم أكثر حين تحل الكوارث الطبيعية على أبناء مذهبه أو طائفته .. حتى تفسيراته وتأويلاته للكوارث الطبيعية تنطلق من منظور طائفي (إذا حدثت الكارثة لأبناء دينه أو طائفته فهي ابتلاء واذا حدثت لأبناء الدين أو الطائفة الأخرى فهي عقاب)! 12) مستوى غضبه واستنكاره يكون أكبر بكثير حين تحدث التفجيرات الإرهابية في مساجد أبناء طائفته .. وغضبه واستنكاره يكون أقل حدة حين تحدث في مساجد الطوائف الأخرى! والقائمة طوييييلة يا عزيزي .. الطائفية مرض ضارب بجذوره في الأعماق ويحتاج وقفة صادقة وشجاعة أمام المرآة .. أحسنت دكتور محمد 🌺🙏
@NaderRajab @rajabmr91 مقال مهم جدااا يجب على الجميع مراجعة انفسهم .